حكم العرض على موظف بالقطاع الخاص ليترك عمله، ويتم توظيفه براتب أعلى:
* حكم العرض على عامل مع شخص ما ليترك عمله، ويعمل معه براتب أعلى أو عمل أريح.
* حكم العرض على مستأجر ما ليترك أجاره، ويستأجر عنده بأجر أقل.
---------
إذا كان ذلك ليس فيه إيذاء للغير وإفساداً عليه، فلا بأس، كما يحدث ذلك في كثير من الدوائر الحكومية والشركات الكبرى، فلا تضرر بهذا العمل، ولا يهمها ذلك، بل قد تراه حسناً أن تتخلص من راتب عال وتأتي بموظف يؤدي نفس العمل براتب أقل، أو مساوٍ.
وأما إذا ترتب على ذلك ضرر على صاحب العمل أو الشركة أو صاحب المحل، فإن ذلك لا يجوز، لما يلي:
١- لما فيه من الضرر، وفي الحديث: (لا ضرر ولا ضرار).
٢- ولأن هذا لا يرضاه المسلم على نفسه ولا يحبه له، وفي الحديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
٣- ولأن هذا خلاف النصح لأخيه المسلم، وفي حديث جرير بن عبدالله رضي الله عنه في الصحيحين، قال: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم)، وحديث: (الدين النصيحة).
٤- وقياساً على البيع على بيع أخيك، والسوم على سوم أخيك، فإذا كان هذا غير جائز، فتخبيب العامل على أخيه، بزيادة راتبه، أو نقص الأجرة عن محل أخيه من باب أولى.
ولأن حقيقة الإجارة: بيع منافع، فيجري فيها ما يجري في بيع المسلم على بيع أخيه.
٥- ولأن في فعل ذلك لمن يتأذى به، إيذاء لمن لا يجوز إيذاؤه، وقد قال تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) وقال في المرأة التي توفيت ومروا بجنازتها على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فذكروا من صلاتها وصيامها إلا أنها كانت تؤذي جيرانها، فقال: (هي في النار).
٦- ولأن في فعل ذلك إثارة للعداوة والبغضاء، قال تعالى: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون).
وكل ما يثير العداوة والبغضاء بين المسلمين فهو حرام، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تحاسدوا ولا تباغضوا...).
* فإن قيل: هل يجوز أن يعلن الإنسان أعلاناً عاماً برواتب مغرية -هي في الغالب أكثر أجراً لمن كان مثل عملهم في أمكنة أخرى- حتى يستقطب نوعيات ذوات كفاءة عالية من قطاعات وأفراد، مما يترتب عليه ترك وظيفتهم والتحاقهم بتلك الجهة.
فالجواب: نعم يجوز ذلك، ويجوز توطيف من ترك وطيفته منهم وتقدم لتلك الجهة المعلنة.
فإن قيل: وما الفرق بينهما، مع أن الضرر قد يلحق بمن كانوا يعملون عندهم، فيكون المعنى واحداً.
والجواب: هناك فرق بين العرض الخاص، والعرض العام، كما في التفريق بين السوم على سوم أخيك، وبيع المزايدة، الثاني حلال، والأول حرام.
ولأن العرض الخاص: فيه تحقق غرض المعروض يقيناً أو غلبة للظن، بخلاف العرض العام، فيمكن أن يتحصل على ذلك العمل، وقد لا يحصل عليه.
والقاعدة: لا يلحق الأدنى بالأعلى، إلا إذا تحقق المعنى -الموجود في الأعلى- في الأدنى.
ولأن العرض الخاص يختلف عن العرض العام، حتى في النصح، (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ايست في كتاب الله..) وقد يكون الجميع يعرفه.
وقال في ابن أبي: (من يعذرني في رجل بلغني أذاه في أهلي) والكل يعرفه. فمعرفة الجميع للشيء لا تمنع العرض العام، وتمنع العرض الخاص.
والله تعالى أعلم واحكم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
في يوم السبت.
١٤٤١/١/١للهجرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق