المراد بالغني شرعاً:
الغني في الشرع: هو من يجد ما يسد ضرورياته وحاجياته، ومن يعول، لمدة عام.
والفقير: هو من لا يجد ما يسد ضرورياته وحاجياته، ومن يعول، لمدة عام.
وحددت المدة بالعام: لأن النبي كان يبعث بالسعاة في العام مرة واحدة.
ولم تدخل الكماليات والتحسينيات، لأنه ليس في فقدها حرج ومشقة.
ولا مانع أن يختلف هذا المراد من الغني في أبواب أخرى من الفقه،
فالغني في باب أخذ الزكاة من الناس: كل من ملك نصاباً زكوياً، مع وجود الشروط وانتفاء الموانع.
والغني في باب زكاة الفطر: من وجد فضل صاع عن قوته يوم العيد ومن يعول.
والغني في العرف: حسب كل بلد فيما يعتبرونه غنياً.
فالإطلاق الخاص لا يعارض الإطلاق العام.
ولكن الدلالة الشرعية مقدمة على الدلالة العرفية في باب النصوص الشرعية.
ومن الإطلاق الخاص للغني: حديث معاذ بن جبل، لما بعثه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقال: إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: أن يوحدوا الله، فإن هم أجابوك، فأعلمهم: أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أجابوك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم).
ولم يذكر له فريضة الصيام والحج، لأنه بعثه في ربيع الأول، ولم تأت الحاجة لهم بعد.
والقاعدة: تأخير البيان عن وقت الخطاب يجوز.
وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز -كما بيناه في القواعد-.
وهذا من تأخير البيان عن وقت الخطاب.
فكل من وجد نصاباً وجبت الزكاة في ماله، مع وجود الشروط وانتفاء المانع.
والقاعدة: العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام.
كحديث معمر بن عبدالله في صحيح مسلم مرفوعاً: (الطعام بالطعام) وكان طعامنا يومئذ الشعير.
فهذا إطلاق خاص، فلا يعارض الإطلاق العام: أن الطعام: اسم لكل ما يؤكل.
وقد يطلق الطعام: على كل ما يؤكل أو يشرب.
(ومن لم يطعمه فإنه مني ...).
والقاعدة: أن اللفظ يحمل على الأعم الأغلب لا على القليل أوالنادر، إلا بدليل أو قرينة.
وبناء على ذلك يكون الإستعمال الأغلب للغني على كل من وجد حاجياته وضرورياته لمدة عام.
ولا يعارض ذلك الإطلاق الحاصة لدليل أو قرينة، والله تعالى أعلم.
كتبه / أبو نجم : محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق