الجمع بين حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الإسلام بدأ غربياً وسيعود غريباً كما بدأ، وإنه ليأرز -ينضم ويعود ويرجع- بين المسجدين، كما تأرز الحية إلى جحرها)).
وحديث أبي هريرة عند مسلم مرفوعاً: ((إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها)).
وذلك أن الحديث الأول: يفيد أن الإسلام يأرز بين مكة والمدينة، والحد داخل في المحدود أذا كان من جنسه -إذا لم تكن هناك قرينة في الدخول أو الخروج، كيف والقرينة ههنا تفيد الدخول، لأن مكة كلها يطلق عليها حرماً ومسجداً، وفي الحديث الثاني: التصريح بالمدينة فقط؟.
------
والجواب من أوجه:-
- أنه لا تعارض بينهما، لأن القاعدة: أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم.
والمدينة أحد أفراد العام، الذي هو المكان الذين بين مكة والمدينة، ومنهما مكة والمدينة.
- القاعدة: الحكم إذا علق على وصف قوي بقدار ذلك الوصف فيه.
- فيكون انضمام الإيمان ورجوعه وعودته إلى المدينة أقوى من انضمامه إلى ما بين المدينتين.
- أن الإسلام وإن انطلق في مكة، ولكن انطلاقه من المدينة أشد، لقوة شوكة المسلمين في المدينة، والتشبيه برجوع الحية إلى جحرها، يفيد ذلك، حيث يأرز الإيمان بين المسجدين، ثم يكون ظهوره وبروزه في المدينة أقوى مما بين المدينتين.
- فيكون وروزه إلى المدينة أبلغ مما بين المدينتين.
- وقيل: إن المعنى: كقول الرجل: الأمر بين فلان وفلان، ثم يتضح أنه عند أحدهما، ففي حديث ابن عمر بين المسجدين، ثم وضح ذلك حديث أبي هريرة أن المراد، هو المدينة، وهذا رأي شيخنا العثيمين. وفيه نظر، لمخالفته للقواعد السابقة. وقد روي أيضاً أن الإيمان ليأرز إلى الحجاز، وعلى التقعيد السابق لا إشكال.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق