إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الخميس، 13 فبراير 2020

مقدار القيراط الوارد في الشرع// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


مقدار القيراط الوارد في الشرع:

فرق بين قيراط عمل الدنيا، وبين قيراط عمل الآخرة.
--------
 القيراط من الموازين القليلة، وهو عند العرب نصف سدس درهم، أو نصف عشر دينار.
وقيل غير ذلك. وهذه القراريط تختلف بحسب الأزمنة، والأموال.
----
ورد من الأحاديث في القراريط:
* (من يعمل لي ما بين صلاة الفجر إلى صلاة الظهر على قيراط...).
قيراط عمل الدنيا ليس كقيراط عمل الآخرة.

* (كل من وجدت في قلبه مثقال ذرة من قيراط فبشره بالجنة). مع وجود أصل الإيمان، فالمراد المبالغة في التقليل فلا ينفي شرط الإسلام.

* ما رواه البخاري مرفوعاً: (من شهد جنازة حتى يفرغ من دفنها فله قيراطان، كل قيراط مثل جبل أحد).

قيل: إن المراد المبالغة في التكثير، والقاعدة: ما خرج مخرج المبالغة في التكثير أو التقليل فلا مفهوم له، بل لا يراد لفظه، نظير حديث: (من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة) مع أن مسجداً بهذا المقدار لا يمكن أن يصلى فيها، فلا يراد لفظه، وإنما المبالغة في القلة، ومن التكثير قوله تعالى: (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) فلو استغفر لهم أكثر من سبعين مرة فلن يغفر الله لهم.

والجواب عنه:
١- أن هذا خلاف الظاهر من اللفظ، وأننا لا ننصرف عن ظاهر اللفظ إلا بدليل أو قرينة، فكيف إذا اللفظ نصاً لا يحتمل إلا هذا.

٢- أن فضل الله واسع، وتحجير فضل الله تعالى بالعقل غير صحيح. فضرس الكافر في النار كجبل أحد.

٣- أن القيراط وإن ورد في كونه مقياساً في وحدات الدنيا، فليس هو نفس المقياس في وحدات الآخرة، ففرق بين مقدار قيراط العمل الدنيوي، ومقدار قيراط الأجر والثواب الأخروي.

٤- ما رواه البزّار -وهو في "صحيح التّرغيب والتّرهيب" عن عبدِ اللهِ بنِ عبّاس رضي الله عنهما قال: قال لي أبو ذرّ: يَا ابْنَ أَخِي، كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم آخذا بيده فقال لي:
((يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي أُحُدًا ذَهَبًا وَفِضَّةً أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَمُوتُ يَوْمَ أَمُوتُ أَدَعُ مِنْهُ قِيرَاطًا)).
قلت: يا رسول الله، قنطارا؟ قال: ((يَا أَبَا ذَرٍّ! أَذْهَبُ إِلَى الأَقَلِّ وَتَذْهَبُ إِلَى الأَكْثَرِ؟! أُرِيدُ الآخِرَةَ وَتُرِيدُ الدُّنْيَا؟! قِيرَاطًا))، فأعادها عليّ ثلاث مرّات.
فالجواب: أن الحديث بهذا اللفظ لم يثبت، وهو في الصحيحين بدون لفظ القراريط.

٥-  ذكر ابن عُقيل الحنبليّ، ووافقه عليه ابن الجوزيّ، وابن القيّم، والحافظ ابن حجر، والسّيوطيّ رحمهم الله أنّ (قيراط كلّ شيء بحسبه).
فإذا كان الكلام عن المال، فالمراد هو: نصف سدس الدّرهم.
وإن كان الكلام عن أعمال العباد فالمراد نصف سدس أجرِها.

فمن اقتنى كلباً يحرم اقتناؤه، فإنّه ينقص من أجره نصفُ سدسه.
قال ابن القيّم رحمه الله في "بدائع الفوائد" (2/256):
"ويكون صِغَرُ هذا القيراط وكِبَرُه بحسب قلّة عمله وكثرته، فإذا كانت له أربعة وعشرون ألف حسنة مثلا، نقص منها كلّ يوم ألفا حسنة وعلى هذا الحساب، والله أعلم بمراد رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا مبلغ الجهد في فهم هذا الحديث "اهـ.
ب) ومن صلّى على جنازة أو اتّبعها فإنّ له قيراطاً من الأجر، أو عملهما معاً فإنّ له قيراطين.
والقيراط: نصف سدس الأجر المعهود من القيام على الميّت، فهناك أجر تجهيز هذا الميّت، وأجر الصّبر على المصيبة به، وأجر غسله، وأجر تكفينه، وأجر الصّلاة عليه، وأجر تشييعه، وأجر دفنه، وأجر التّعزية به، وأجر حمل الطّعام إلى أهله، وأجر تسليتهم.
فمجموع هذا الأجر يأخذ منه المصلّي على الجنازة نصفَ سُدسِه.
ولكن لمّا كان السّامع لهذا القدر ربّما ظنّ قلّة الأجر وضآلته، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((القِيرَاطُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ))، فمثّل لهم الأجر بما يعرفون عظمتَه وقدرَه.
فما بالك بمن قام بكلّ ما يتعلّق بتجهيز الميّت وأحكام الموت؟
قال ابن القيّم رحمه الله في "بدائع الفوائد":
"لم أزل حريصا على معرفة المراد بالقيراط في هذا الحديث، وإلى أيّ شيء نِسبتُه، حتّى رأيت لابن عُقيل فيه كلاما، قال:
القيراط: نصف سدس درهم مثلا، أو نصف دينار، ولا يجوز أن يكون المراد هنا جنس الأجر؛ لأنّ ذلك يدخل فيه ثواب الإيمان وأعماله كالصّلاة والحجّ وغيره، وليس في صلاة الجنازة ما يبلغ هذا، فلم يبق إلاّ أن يرجع إلى المعهود، وهو الأجر العائد إلى الميت.
ويتعلّق بالميّت أجر الصّبر على المصاب فيه، وأجر تجهيزه، وغسله ودفنه والتعزية به وحمل الطعام إلى أهله وتسليتهم، وهذا مجموع الأجر الّذي يتعلّق بالميّت، فكان للمصلّي والجالس إلى أن يُقبَر سُدسُ ذلك، أو نصف سدسه إن صلّى وانصرف" اهـ.
والمعنى: أنّه ينقُص من أجر عمله نصف سدسِه.

والجواب عن ذلك من أوجه:
أ- أن هذا الكلام لهؤلاء الأئمة الأعلام ليس إجماعاً، حتى لا تجوز مخالفتهم.

ب- أن كون الأجر على شهود الجنازة حتى يفرغ من دفنها قيراطان، كل قيراط مثل جبل أحد، مع أن العمل ليس فيها بالكثير.
فالجواب: أن فضل الله عظيم، لا يحدد بالعقول البشرية. وقد ورت أجور عظيمة على ما هو أقل عملاً من ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها) وورد في فضل الذكر أدلة تدل على عظيم الأجر فيه مع قلة العمل (خير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقاكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق...). ثم إن تحديد الأجر في جنس من العبادة لا يعني عدم تجاوز أجر عبادة أخرى من جنس آخر.

ج- كون الأجر والثواب: على هذا العمل يقتضي أن كل عمل من الفرائض والواجبات لا ينزل عن رتبة هذا الأجر، (وما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه).
فالجواب: أن هذا اللازم إذا كان صحيحاً فلا إشكال إذا التزمنا به. فلا يشكل والحالة تلك على التفريق بين قيراط عمل الدنيا وأجرها، وبين قيراط الأجر والثواب والآخرة الذي هو مثل جبل أحد.
وإذا لم يكن هذا اللازم صحيحاً كان الأمر أكثر وضوحاً.
فإن القيراطين في حديث الجنائز: فيها ما هو فرض كفاية كالصلاة على الميت ودفنه.

وبناء على سبق اختلف في المراد من القيراط في حديث: (من اتخذ كلب صيد أو حرث أو ماشية، انتقص من أجره كل يوم قيراط) وفي اللفظ الآخر: (قيراطان) هل هما كجبل أحد وهو الأقرب، أم نصف سدس عمله في ذلك اليوم.
والله تعالى أعلم.

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت