إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 5 مايو 2020

حكم جعل المطلق من الأذكار مقيداً دون اعتقاد مزيد فضيلة للتقييد على المطلق//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم جعل المطلق من الأذكار مقيداً دون اعتقاد مزيد فضيلة للتقييد على المطلق :

قاعدة : التخصيص لا ينبعث إلا عن اعتقاد الاختصاص :
——————

يجوز  أن يثبت المسلم ذكراً مطلقاً ، ويقيده بوقت أو زمان ، دون اعتقاد فضيلة ما قيده فيه من زمان أو  مكان ،  ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم :( أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومه وإن قل ) فمن كان يصلي سبعة عشرة ركعة في كل ليلة لا يعتبر مبتدعاً، لأنه حقق بعض أفراد المشروع في حديث( صلاة الليل مثنى مثنى ) وأحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم، فالمقيد داخل تحت أصل  المطلق ومشروعيته ، وفي وقته وزمانه .
ومن قال لا إله إلا  الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في كل يوم مائتي مرة ، لم يكن مبتدعاً، ولو حدد هذا الذكر بكونه بعد الظهر او العصر مع عدم اعتقاد مزيد فضيلة لهذا الوقت بالذات ، لم يكن مبتدعاً .

فذكر الله بهذا الذكر وجعله ورداً  للعابد دون اعتقاد تفضيل أو تشريع هو مجرد وقوع المطلق بأحد أفراده.

قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا )  كيف ممكن أن يقع؟

من كرر أحد الأذكار في وقت معين فهو ذاكر لله ذكرا كثيرا ولا يمنعه أحد وإنما يمنعونه إذا ضاهى بفعله التشريع بأن جعل هذا التخصيص زمنا أو عددا أو هيئة فاضلا فضلا ً زايداً ، كأن يدعو إليه بصفته شرعاً لازماً بقوله أو فعله،.وعليه والحالة تلك تنطبق قاعدة : التخصيص لا ينبعث إلا عن اعتقاد الاختصاص .
فإذا دلت القرينة على على أنه التزم الذكر في ذلك المكان أو الزمان ، لمزيد فضيلة على ما ورد فضيلته مطلقاً بلا قيد ، دخل في مسمى البدعة ، لأن التخصيص لا ينبعث إلا عن اعتقاد الاختصاص ، كمن يدعو الله تعالى عند قبر رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو وإن نفى اعتقاد مزيد فضيلة عن فضل مجرد الدعاء ، لكن القرينة تلك على أنه كلما جاء إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم دعى، دل على أنه يعتقد مزيد فضيلة الدعاء عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم .

وعليه : فإن قاعدة : التخصيص لا ينبعث إلا عن اعتقاد الاختصاص.
فيها تفصيل : فإذا كانت من باب تطبيق العام أو المطلق على بعض أفراده ، تطبيقاً مجرداً - بدون اعتقاد مزيد فضيلة للزمان أو المكان - فلا بأس بها .
وإذا كانت من باب زيادة تفضيل للزمان أو المكان الذي لا مزية له شرعاً، فهذا من البدع، ويعرف اعتقاد مزيد الفضل لما قيد ما لم يكن مقيداً شرعاً، يعرف بالنية ودلالة الحال والقرائن ، والله تعالى أعلم .

ومناط الجواز ليس فعله في خاصة نفس العابد بل المناط هو أنها عبادة مطلقة.
وكل عبادة مطلقة لابد لها عند العمل من نوع من أنواعها حتى تقع بها العبادة.

وقاعدة  : المقيد لا يشرع إلا مقيدا ، و المطلق من الأذكار و الأدعية يبقى على إطلاقه ما لم يخالف أصلا شرعيا.
هذا من حيث التشريع ، وأما من حيث تحقيق المناط وتطبيق العام أو المطلق على أفراده، فلا يعتبر بدعة .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية [ انظر مجموع الفتاوى 19/299-300 ]: " وَهَذَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ فِي جَمِيعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْمُطْلَقَاتِ بَلْ فِي كُلِّ أَمْرٍ؛ فَإِنَّهُ إذَا أَمَرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ مُطْلَقَةٍ كَقَوْلِهِ { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } أَوْ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا؛ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ بِصَلَاةٍ فِي مَكَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يُمْكِنُهُ الِامْتِثَالُ إلَّا بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِطْعَامِ طَعَامٍ مُعَيَّنٍ لِمَسَاكِينَ مُعَيَّنِينَ وَصِيَامِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ وَصَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَالْمُعَيَّنُ فِي جَمِيعِ الْمَأْمُورَاتِ الْمُطْلَقَةِ لَيْسَ مَأْمُورًا بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا الْمَأْمُورُ بِهِ مُطْلَقٌ, وَالْمُطْلَقُ يَحْصُلُ بِالْمُعَيَّنِ . فَالْمُعَيَّنُ فِيهِ شَيْئَانِ : خُصُوصُ عَيْنِهِ وَالْحَقِيقَةُ الْمُطْلَقَةُ فَالْحَقِيقَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الْوَاجِبَةُ وَأَمَّا خُصُوصُ الْعَيْنِ فَلَيْسَ وَاجِبًا وَلَا مَأْمُورًا بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ أَحَدُ الْأَعْيَانِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْمُطْلَقُ؛ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ إلَى مَكَّةَ وَلَا قَصْدَ لِلْآمِرِ فِي خُصُوصِ التَّعْيِينِ " . اهـ

فمن اختار طريقا يسلك به إلى مكة دون غيره فهو عين طريقاً من عدة طرق يحصل بها الأمر المطلق ولا يلزمه تغيير الطريق كلما قصد مكة .
والله تعالى أعلم وأحكم .

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت