حكم إخراج زكاة الفطر طعاماً مطبوخاً :
—————
الذي يظهر لي والعلم عند الله تعالى
جواز أخراج زكاة الفطر من طعام الآدميين إذا بلغ نصاباً وكان مطبوخاً، لحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُد: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي التَّمْرَ إلَّا عَامًا وَاحِدًا أَعْوَزَ التَّمْرُ فَأَعْطَى الشَّعِيرَ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: "كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ". أَخْرَجَاهُ.
والقاعدة : ما خرج مخرج التمثيل فلا مفهوم له، وهذه كلها أمثلة على طعام الآدميين ، وهو وصف مناسب مشار إليه في بعض النصوص الشرعية .
وَفِي رِوَايَةٍ: "كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ )
والأقط : ما يسمى عندنا بالمضير ، وهو مطبوخ.
وكذا قوله ( طعاماً) والطعام يشمل : النيء والمطبوخ .
والقاعدة : ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم من المقال - وقد تقدمت في القواعد -
@ فإن قيل : ما الحكم لو أخرج الشخص زكاته مطبوخة؟
الجواب: لا تجزئه إذا أخرجها خبزا أو أرغفة أو أرزا مطبوخا، وذلك لأنها في هذه الحال، لا تصلح للادخار بل تفسد إذا تعدت وقتها.
فالجواب : أن العبرة بالمنظور لا بالمنتظر ، فلما كان عند الإخراج يبلغ الصاع عن النفر الواحد، وأخرج لمن هم من أهل استحقاقه، ويمكن أن ينتفعوا به قبل فساده، توفرت الشروط وانتفت الموانع حينئذ .
والقاعدة : الشيء لا يتم إلا بعد وجود شروطه وانتفاء موانعه .
واحتمال فساده قبل الانتفاع منه ، يمكن أن يكون في الطعام النيء قبل الانتفاع واستفادة الغني منه .
وبعد استلام الفقير للزكاة برئت ذمة المزكي، سواء استفاد الفقير منه أو لم ينتفع به .
فإن قيل : إن من شروط إخراج الزكاة أن يكون الطعام مقتاتاً، والمطبوخ قد لا يكون مقتاتاً.
والجواب : أن الوصف الشرعي في الأدلة السابقة علق الحكم على الطعام ، فمن ألغى الوصف الشرعي وأتى بوصف الاقتيات فعليه الدليل .
والقاعدة : كل اجتهاد يعود على النص بالإبطال فهو باطل .
ولما ذكرت علة الاقتيات في المطعومات التي يجري فيها الربا.
اجيب : بأن الملح يجري فيه الربا ، وليس بقوت، فإن قيل : ما يصلح به الطعام فله حكم الطعام، انتقض عليهم بالماء يصلح به الطعام ولا يجري فيه الربا .
وبناء على ذلك فالعلة في زكاة الفطر : طعام الآدميين ، لا الاقتيات ولا الادخار ، فإن الرطب الذي لا يتمر ، يجوز إخراجه وهو لا يدخر .
فإن قيل : و هل العرب تصوع الطعام بعد الطبخ، بمعنى صاع من الأرز قبل الطبخ هو نفسه صاعا بعد الطبخ.
فالجواب : الشارع علق الحكم على كونه طعاماً، ولا بد أن يكون صاعاً وهو أربع حفنات من الطعام بيدي الرجل متوسط الخلقة - كما سبق بيانه في مقدار الصاع النبوي بالمقاييس العصرية ، وهذا يمكن أن يكون من الأرز النيء والأرز المطبوخ، وكذا بقية أطعمة الآدميين .
والله تعالى أعلم .
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق