تحديد الصاع النبوي بالمقاييس المعاصرة :
—————-
يكمن الجواب عن هذه المسألة في النقاط التالية :
١ - أن الصاع : المراد به الحجم .
والوزن يقصد به الثقل .
وفي الحديث :( الوزن وزن أهل مكة ، والكيل كيل أهل المدينة )
ولهذا يمكن أن تكون علبتين متساويتين من الحديد - كعلبتي الحليب- وتملأ الأولى بالتراب ، وتملأ الثانية بالصوف ، ففي الحجم متساويتان، وفي الوزن مختلفتان، لأن التراب أثقل من الصوف بكثير .
إذاً الصاع إناء يكال به , والصاع النبوي هو الذي كان يوجد بالمدينة زمن النبي صلى الله عليه وسلم يكال به الطعام ويستعمل لغيره .
٢ - الصاع النبوي أربعة أمداد , وفي حديث عائشة ( كان يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ). وتقدير المد: ملء كفي الرجل المعتدل من الطعام إذا مد يديه بهما , أي أربع حفنات بحفنات الرجل متوسط الخلقة .
٣ - أن ما كان معروفاً بالكيل في عهد النبوة ، فالتماثل يكون فيه بالكيل لا الوزن ، كالتمر والشعير والبر والأقط ، وفي حديث أبي سعيد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أكل تمر خيبر هكذا ؟ ، قالوا : لا، إنا لنأخذ الصاع بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة ، فقال : ( أوه ردوه ، بع الجمع بالدراهم واشتري بالدراهم جنيباً)
وفي حديث عبادة بن الصامت ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والتمر بالتمر والبر بالبر والشعير بالشعير مثلاً بمثل سواء بسواء) فالمثلية في المطعومات لا تتحق إلا بالحجم الذي هو الصاع لا الوزن والثقل .
وما لم يكن معروفاً بالكيل ولا الوزن في عصر النبوة ولا مشابهماً لهما ، فالمرجع في تحقيق مثليته إلى العرف.
والقاعدة : ما لم يحدد في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف .
والقاعدة : العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام .- كما سبق في القواعد -.
٤ - حدد الصاع بالمقاييس القديمة بما يعادل خمسة أرطال وثلث عراقية بغدادية من البر , بالرطل العراقي القديم الذي يزن مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع الدرهم الإسلامي , والدرهم سبعة أعشار الدينار , وزن الدينار من الذهب ثنتان وسبعون حبة من الشعير وعليه يكون الدرهم خمسين حبة وخمسا حبة.
٥ - حدد وزن الدينار بالجرامات 4,25 أربعة جرامات وربع , ووزن الدرهم بالجرام 2,97 جرامان وسبعة وتسعون .
٦ - أن تحديد الصاع أمر تقريبي ، فلا تضر الزيادة اليسيرة أو النقصان اليسير في تحديده ، وفي الحديث( نحن أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب ...) فالمراد هو التقريب لا التحديد المتناهي في الدقة .
حدد الصاع بأنه هو الوعاء الذي يتسع لترين ونصف من الماء تقريباً بحيث تكيل فيه ما تضعه من طعام , وهو الناتج التقريبي .
٧ - هناك طريقتان لمعرفة مقدار صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهما :
أ - وزن خمسة أرطال وثلث من الحنطة ( البر ).
ب - ملئ كفي الرجل معتدل الخلقة طعاما .
هذا مد ، وملؤهما أربع مرات هو الصاع .
فمثلاً : الأرز يكون مابين 2,035 كيلوين وخمسة وثلاثين جراما إلى 2,25 كيلوين وربع تقريباً.
مع العلم أن الأرز يختلف في الوزن ، فالأرز الهندي أخف من الأرز الأمريكي .
والمراد هو التقريب، لأن المعتبر في الكيل هو الحجم لا الثقل والوزن كما سبق .
٨ - أن الزيادة على الصاع احتياطاً في المقدار لا بأس به، وما زاد فهو صدقة ( فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ).
٩ - أن من زاد عن مقدار الصاع من باب اليقين في إبراء الذمة المشغولة به ، لا يعد محرماً.
فإن من جهل المقدار الواجب ، غلب الظن حتى يخرج ما شغل الذمة بيقين .
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق