القواعد والضوابط في عيوب النكاح :
١ - كل عيب يمكن زواله - علاجه - في وقت لا تفوت فيه مصلحة الغير، فلا خيار بسببه.
فمن اشترى سيارة فوجد بها الشماعات الخلفية غير أصلية، فقال البائع اسبدلها لك بشمّاعات أصلية فلا خيار حينئذ للمشتري، أما إذا وجد بها سمكرة فقال: أعيد سمكرتها فللمشتري الخيار، لأن السيارة التي بها سمكرة يفوت بها مصلحة للمشتري، ومهما كانت الدقة في إصلاحها تنقص بذلك قيمتها عرفاً.
وكذا لو وجد عيباً في المرأة يمكن زواله وعلاجه ولا يفوت به مصلحته فلا خيار له، كمن وجد في وجه من تزوج بها عدداً من الخاليل- نقط سود - يعيبها، يمكن أن تزيل المرأة هذا العيب بأشعة اليزر، في وقت لا تفوت فيه مصلحة الزوج فلا خيار له، لأن هذا لا يعتبر من الغرر الذي يستحق به الفسخ عرفاً، أو هو من الغرر اليسير المتحمل، فلا يدخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر.
وقياساً على البيع ، فمن اشترى كرتوناً من الطماطم فوجد به حبة فاسدة لا يستحق به المشتري الخيار. لأنه يسير غير كثير.
٢ - فرق بين وجود العيب، وانتفاء صفة الكمال .
فكل ما كان لفوات صفة كمال، فلا خيار فيه إلا بالشرط، كمن شرطها جميلة فتبين أنها عادية، أو شرط كون المرأة التي يريد الزواج بها كريمة فتبين أنها ليست كذلك .
وكل ما كان لوجود عيب لا يتحمل مثله في العرف ، فيثبت فيه الخيار بلا شرط - بين فسخ العقد وإمضائه -
لأن الشرط العرفي كالشرط اللفظي.
فمن وجد في زوجه برص - لم يعلم به قبل العقد - كثير لا يتحمل مثله في العرف فللطرف الآخر منهما الخيار.
٣ - ما لم يحدد في الشرع فالمرجع في تحديده إلى العرف.
فالضابط في تحديد ما هو عيب، وما ليس بعيب، وما يتحمل مثله ولا يثبت به الفسخ، وما لا يتحمل مثله ويثبت به الفسخ ،وفيما يفوت به المقصود، وما لا يفوت به المقصود، هو العرف، فإن العيوب في النكاح كالعيوب في البيوع .
٤ - كل فراق بين الزوجين قبل الجماع لا يوجب العدة .
لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتوهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعدونها )
فعلق الحكم على وصف- وهو المسيس - فلا يجوز تعليقه على وصف آخر ، كالخلوة، وهو قول الحنابلة ومن وافقهم، احتجاجاً بقول بعض الصحابة، وقد سبق بيان أن قول الصحابي لا يحتج به. وخصوصاً إذا خالف النص.
٥ - كل فسخ قبل جماع الزوجة من أجل عيبها ، فلا مهر لها .
لأنها هي التي غشته وغررت به
٦ - كل فسخ قبل جماع الزوجة من أجل عيبه، فللزوجة نصف المهر المسمى .
لقوله تعالى ( وإن طلقتمرهن من قبل تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) وإن لم يسمى يفرض لها المتعة عرفاً.
وذلك لأن العيب في الزوج ، وهو السبب الحقيقي في الفسخ من أجل عيبه لا عيبها
خلافاً للمذهب عند الحنابلة لأن الفرقة جاءت من قبلها لطلبها الفسخ
والجواب : أن الطلب مبني على سبب وهو العيب، والعيب في الزوج لا الزوجة، والعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
٧ - كل فرقة حصلت من غير فسخ ، فلا رجوع للزوج في المهر - كالموت -
لأن سبب الرجوع الفسخ، ولم يوجد ، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً .
ما عدا الطلاق قبل الدخول إذا كان الفراق بسببه فله نصف المهر المسمى، فإن لم يسم فلها المتعة .
وإذا كان الطلاق بسببها قبل الدخول فلا شيء لها.
٨ - كل فسخ بعد جماع الزوجة من أجل عيبه ، فلها المهر بما استحل من فرجها.
لحديث قصة المتلاعنين ( إن كنت صادقاً فبما استحللت من فرجها).
٩ - كل فسخ بعد جماع الزوجة من أجل عيبها فلا رجوع له في المهر ما لم يكن عليه تعد أو تفريط، فيرجع على من تعدى عليه أو فرط.
فإذا غررت به الزوجه مع علمها بالعيب المثبت للفسخ فعليها رد المهر، وإذا كان المغرر به الولي رجع عليه بما دفع من المهر ، وإن لم يكن هناك تغرير من الزوجة أو وليها أو غيرهما، كان المهر للزوجة بما استحل من فرجها، مثل أن يكون في ظهر الزرجة برصاً يستحق به الفسخ لم تعلم به الزوجة ولا الولي ولا الزوج إلا بعد جماعها فيثبت لها المهر ولو فسخ الزوج.
١٠ - قاعدة رد العوض عند فراق الزوجين
- وقد سبقت -.
١١ - العلم برضى المستحق يقوم مقام إظهاره للرضى - وقد سبق بيان هذه القاعدة بأدلتها-.
فإذا دلت الدلالة القولية أو الفعلية أو الحالية على تنازل حتى الزوجين عن حقه في الفسخ بعد علمه بأن له الفسخ سقط حقه في الفسخ، وإذا شككنا فالأصل عدم سقوط حقوق المخلوقين إلا بإسقاطها.
١٢ - لا ينسب لساكت قول، والسكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان .
- وقد سبق بيانها -
فإذا علمت أنه لا ينجب بعد الجماع وسكتت ولم تطلب الفسخ، فإن الحاجة إلى البيان بعدم رضاها متعين ،مما يدل على رضاها ما لم يتبين أن سبب عدم طلبها الفسخ هي ما قد يطرأ عليه من الشفاء من العقم أو نحو ذلك .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق