حكم: ما إذا وكل الفقير في زكاة الفطر الغني في قبض زكاته قبل صلاة العيد، ولم يقبضه إياها إلا بعد صلاة العيد.
الفرق بين توكيل المعطي في قبض زكاة الفطر وتوكيل غيره.
فمثلاً: أتصل الغني على الفقير قبل صلاة عيد الفطر، وقال له: معي زكاة الفطر أريد أن أدفعها لك، ولكن لو وكلتني في قبضها عنك حتى أتمكن من دفعها لك بعد صلاة العيد -سواء لعذر، أو بدون عذر-.
* الفرق بين من دفع طعاماً للفقير في زكاة الفطر، وبين من دفع له مالاً على أن يشتري بها طعاما.
-----
فالجواب: أن هذا يترتب على حكم الرجوع عن العطية قبل قبضها، وقد بينا فيما مضى أن العطية لا تلزم إلا بالقبض، وهو رأي الجمهور، وسبق بيان وجه ترجيحه.
فإن قيل: هذه زكاة فريضة، وليست تبرعاً.
فالجواب: كونها فريضة، لا يلزم تعين من عين قبل قبض المعطى، فيجوز صرفها من الغني لغير الفقير الذي عينه، وحدد أن تكون له، قبل قبضها من ذلك المعين، فإذا صرفها لغيره بعد تعيينه وقبل تقبيضه لم يضمنها له، لعدم لزومها قبل القبض.
وعليه: لا تبرأ ذمة المزكي بزكاة الفطر إذا وكله المعطى له قبل أن تخرج من ذمة الدافع لها إلا بعد تقبيضها للمستحق لها أو وكيله.
فإن قيل: أليس المعطي ههنا وكيلاً أيضاً للمعطى، فهو يدفع أصالة ويقبض بالوكالة، والوكيل كالأصيل، وكما جاز قبضها بالوكالة من غير المعطي تصح من المعطي وكالة، بجامع الوكالة في كل.
فالجواب: أن وكالة النفس -نفس المعطي- ههنا يترتب عليه عدم تقبيض المال وخروجه من ملكه، فلا تبرأ الذمة حتى يتم إخراجه من ذمته بتقبيض المال للغير. بخلاف توكيل غير المعطي يصح وتبرأ الذمة لخروج المال من المعطي بتقبيض الغير وكالة أو يدا.
فإن قيل: هل يصح أن يدفع المزكي للفطر مالاً للفقير، ويقول: وكلتك أن تشتري طعاماً، ثم تأخذه لنفسك.
فالجواب: أن هذا من إعطاء زكاة الفطر مالاً.
وعند من لا يصححها، لا يجوز، لأنه بمجرد أن أعطاه المال أصبح مالكاً له، وكونه شرط عليه أن يخرجها لنفسه طعاماً، لا يلزم الفقير أن يلتزم بذلك، كمن دفع للفقير مالاً على أن يسدد دينه، فصرفها في غير الدين من حاجياته.
فإن الفقير بعد تمليكه للمال لا يلزمه أن يصرفه فيما شرط عليه صرفه فيه.
كما في العمرى والرقبى، أي قياساً عليهما، وقد سبق بيان ذلك، وأن الموهوب لا يلزم أن يصرف الهبة حسب شرط الواهب (لا تفسدوا عليكم أموالكم فمن أعمر عمرى فهو لمن أعمره حياً وميتاً ولعقبه).
-وقد سبق حكم العمرى والرقبى -.
-
تنبيه: وفِي كشاف القناع:
- (ولا يصح تصرف الفقير) وباقي أهل الزكاة فيها (قبل قبضها)؛ لأنه لا يملكها إلا به.
(ولو قال الفقير لرب المال: اشتر لي بها) أي الزكاة (ثوبا) أو غيره من حوائجه (ولم يقبضها) الفقير (منه لم يجزئه) ذلك.
(ولو اشتراه) أي رب المال الثوب (كان) الثوب (للمالك) دون الفقير (وإن تلف) الثوب (كان من ضمانه) أي المالك، لما سبق من أن الفقير لا يملكها إلا بالقبض، ولو وكل الفقير رب المال في القبض من نفسه، وأن يشتري له بها بعد ذلك ثوبا أو نحوه) - .أ ه.
* في حديث ابن عمر في الصحيح: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة).
والجمهور على جواز إخراج الزكاة يوم العيد بعد صلاة العيد وأن إخراجها قبل صلاة العيد مستحب، وهو خلاف ظاهر حديث ابن عمر السابق (فرض .....وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة). فالقرينة مع الأصل كلاهما يفيد الوجوب.
وحديث ابن عباس (أغنوهم في هذا اليوم ...) ضعيف.
ثم إن المسألة الأولى يجري فيها الحكم فيما لو كان القبض من الفقير بعد اليوم الأول في العيد.
محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى.
مسألة لو نوى ان يعطيها لجاره المسافر
ردحذفولم يرجع جاره إلا بعد صلاة العيد
هل تصح هنا
بارك الله فيكم