حكم المرابحة في عقار يملك العميل حصة منه:
فمثلاً: هناك أربعة إخوة يملكون عقاراً، وأراد أحدهم أن يشتري العقار من إخوته عن طريق بيع المرابحة للآمر بالشراء، فباعوه على البنك بثمن حال، ثم اشتراه من البنك بالتقسيط، هل هذه المعاملة جائزة؟
--------
صورة عكس العينة فيها واضحة، وهي: أن يشتري السلعة بثمن حال على أن يبيعها عليه بأكثر مما اشتراها منه بثمن مؤجل.
والمحظور في نصيبه فقط لا في نصيب غيره.
ولكن القاعدة: الشركاء ينزلون منزلة الشخص الواحد -على خلاف في كون ذلك في زكاة السائمة من بهيمة الأنعام (لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة) أو كون ذلك على سبييل الإطلاق-.
والقاعدة: إذا اجتمع حاظر ومبيح، على وجه لا يمكن التمييز بينهما -غلب جانب الحظر-.
فإذا لم يمكن فرز نصيبه عن غيره قبل عملية بيع المرابحة للإمر بالشراء، كانت من البيوع المحرمة.
وهل صورة العينة، وعكسها، لا تكون محرمة إلا بالشرط، أو تكون محرمتان بمجرد حصولهما حتى وإن لم يكن فيهما شرط، كأن أبيعك هذه السلعة بثمن حال، واشتريها بثمن مؤجل دون أن اشترط البيع الأول بالشراء الثاني، فيه قولان.
والأظهر: أنه إذا وقع الشرط أو تواطأ عليه كان حراماً.
وبناء على هذا فإن من شروط المرابحة المصرفية: ألا يكون القصد من المعاملة التحايل على الربا.
ويظهر التحايل على الربا في المرابحة المصرفية في صور متعددة، منها: أن يكون الآمر بالشراء هو نفسه البائع على البنك، فإن كثيراً من الآمرين بالشراء يطلب شراء السلعة من شخص بعينه، قد يكون شريكاً، أو وكيلاً له، أو بينه وبين الآمر مواطأة على الحيلة.
فيحرم على البنك في بيع المرابحة للآمر بالشراء: أن يشتري السلعة من شركة أو محل تابع للآمر أو وكيله؛ لأن صورة ذلك، كصورة عكس مسألة العينة، فإن الآمر يبيع السلعة بنقد ثم يشتريها من البنك نسيئة.
وأما إذا اشترى البنك الحصة التي لا يملكها العميل، بحيث يكون التمويل للحصة التي لا يملكها العميل، فلا إشكال، ويكون البنك شريكاً للعميل في السلعة أو العقار.
أو يدفع العميل ما يقابل حصته في العقار نقداً حالاً، ويكون التأجيل من البنك في مقابل الحصة التي لا يملكها العميل، وهذا المخرج فيه نظر، لأن المعاملتين ارتبطا ببعضهما ولم تستقل البيعة الثانية عن البيعة الأولى، ومن شروط بيع المرابحة أن تكون البيعة الثانية غير مرتبطة بالأولى، ويشكل عليه: أن الفوائد من قبل البنك أخذت على كامل السلعة أو العقار، ونصيبه مشاع غير معين، والفوائد على السلعة لا على ثمنها حتى يقال بانتفاء المحظور بدفع ثمنها حالاً للمصرف.
وأما من قال بالتفريق في ملك العميل ما إذا زاد عن الثلث فلا يجوز، أو أقل من الثلث فيجوز.
ومنهم من حدد ذلك بالنصف، فكل هذا في نظري فيه بعد، فالمحظور يكون فيما قل وما كثر.
والقاعدة: المأمور لا يكون ممتثلاً ألا بفعل جميعه، والمحظور لا يكون ممتثلاً إلا بترك جميعه، كما وضحناه في القواعد.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق