حكم صلاة العيد في البيوت :
حكم الجماعة في صلاة العيد وحكم قضائها :
——-
اختلف العلماء في ذلك على قولين :
القول الأوّل: ذهب الحنفيّة، والمالكيّة بعدم جواز قضاء صلاة العيد لمَن فاتَته؛ أي أنّها لا تُؤدّى إلّا جماعةً؛ إذ إنّها مُحدَّدةٍ بوقتٍ لا تُؤدّى في غيره من الأوقات، كما أنّها من النوافل ولا يصحّ لها القضاء، إضافة إلى أنّه لا بُدّ فيها من عدّة شروطٍ لا تتحقّق في مَن يُصلّي مُنفرداً.
القول الثاني: وذهب الشافعيّة، والحنابلة بأنّ صلاة العيد سُنّةٌ للمُنفرد؛ فمن فاتَته جماعةً مع الإمام، فإنّه يُسَنّ له القضاء بالهيئة التي تُصلّى بها جماعةً؛ فقضاء الصلاة يكون على الهيئة التي تُؤدّى بها، مع الإشارة إلى أنّ القضاء يكون في أيّ وقتٍ؛ فيجوز في أيّام العيد، أو فيما بعده، إلّا أنّ الأفضل في القضاء أن يكون في اليوم الأول من العيد، أمّا المسبوق في صلاة العيد؛ فإن أدرك الإمام في التشهُّد فيُنهي الصلاة معه، ثمّ يأتي بما فاته بالهيئة التي تُؤدّى بها، بينما إن أدرك الإمام وهو يخطب بعد أداء الصلاة، فإنّه يُصلّي ركعتَين تحيّة المسجد، ثمّ يجلس للاستماع إلى الخطبة، ثمّ يقضي صلاة العيد خلال بقيّة اليوم؛ سواءً قبل زوال الشمس، أو بعده، بالهيئة والكيفيّة ذاتها.
* صلاة عيدي الأضحى والفطر وقتهما قبل الزوال ، فمن فاتته في هذا الوقت قضاها على رأي بعض الفقهاء : أربع ركعات بلا تكبير ، وهناك من يرى أنه يقضيها كما يصليها في الجماعة .
وذهب فريق ثالث إلى من فاتته فلا قضاء عليه فيها ، وهو الأقرب .
* صلاة عيد الأضحى وعيد الفِطْر وقتها محدود بما بعد الشروق بقليلٍ ـ عند بعض الأئمة ـ إلى الزوال، أي وقت الظهر، فتكون صلاتها في هذه الفترة أداء، ولو فاتته هل يقضيها أو لا؟
*
قال الأحناف: الجماعة شرط لصحة صلاة العيدين. فمن فاتته مع الإمام فليس مُطَالَبًا بِقَضَائِهَا، لا في الوقت ولا بعده. وإن أحب قضاءها مُنْفَرِدًا صلَّى أربع ركعاتٍ بدون تكبيرات الزوائد، كالذي تفوته صلاة الجمعة، يقضيها ظهرًا.
والمالكية قالوا: الجَمَاعَة شَرْطٌ لكونها سُنَّة، فمن فاتته مع الإمام نُدِبَ لَه فعلها إلى الزوال، ولا تُقْضَى بعد الزوال.
ويشكل عليه : حديث أنس لما قدم بنو عمومة له فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يخرجوا إلى عيدهم من الغد .
والشافعية قالوا: الجماعة فيها سُنَّة لغير الحاج، ويُسَنُّ لمن فاتته مع الإمام أن يصليها أي وقت قبل الزوال وتكون أداء، أما بعد الزوال فيُسَنُّ صلاتها وتكون قضاء؛ لأن قضاء النوافل سُنَّة عندهم إذا كان لها وقت.
هذا، وقد روى أحمد والنسائي وابن ماجه بسند صحيح أن هِلال شوال غُمَّ على الصحابة وأصبحوا صِياماً فَجَاءَ جماعةٌ آخر النهار وشَهِدوا أمام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يخرجوا إلى عيدهم من الغد.
وهذا الحديث حُجَّة للقائلين بأن الجَمَاعَة إِذَا فاتتها صلاة العيد بسبب عُذر من الأعذار فلها أن تخرج من الغد لتصلِّي العيد.
هذه هي أقوال العلماء، والأمر اجتهادي يجوز فيه تقليد أي قول منها، مع العلم بأن صلاة العيد سُنَّة غير واجبة لا أداء ولا قضاء عند الشافعية والمالكية، وسُنة لمن فاتته مع الإمام حيث يُسَنُّ له أن يصلِّيها.
وهي فرض كفاية عند قوم ، وفرض عين عند آخرين .
@ قال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في فتح الباري لشرح صحيح البخاري :
( واعلم؛ أن الاختلاف في هذه المسألة _ أي من فاتته صلاة هل يقضيها _ ينبني على، أصل، وهو: أن صلاة العيد: هل يشترط لها العدد والاستيطان وإذن الإمام؟
فيهِ قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد.
وأكثر العلماء، على أنه لايشترط لها ذَلِكَ، وهو قول مالك والشافعي.
ومذهب أبي حنيفة وإسحاق: *أنه يشترط لها ذلك.
فعلى قول الأولين: يصليها المنفرد لنفسه في السفر والحضر والمرأة والعبد ومن
فاتته، جماعة وفرادى.
*لكن لا يخطب لها خطبة الإمام؛ لأن فيهِ افتئاتاً عليهِ، وتفريقاً للكلمة.
وعلى قول الآخرين: لايصليها إلا الإمام أو من أذن لهُ، ولا تصلى إلا كما تصلى الجمعة، ومن فاتته، فإنه لايقضيها على صفتها، كما لايقضي الجمعة على صفتها .)
وبعد هذا العرض من أقوال أهل العلم :
فالذي يترجح في نظري ما يلي :
١ - أن صلاة العيد لا تصلى في البيوت فرادى ، بل تصلى جماعات ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم عطية بإخراج الحيض وذوات الخدور ، وفيه ( وأما الحيض فيشهدن الخير ودعوة المسلمين ، ويعتزلن الصلاة )
ولو كانت صلاة النساء يجزئهن في العيد في بيوتهن ، لأمرن بذلك .
ولأن شهود الخير ودعوة المسلمين لا تكون في حال الانفراد.
ولأن صلاة العيد من شعائر المسلمين الظاهرة ، فلا تجزيء في حال الانفراد .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد بصلاة الجمعة ، فقال ( اجتمع في يومكم هذا عيدان ...)
وعن إياس بن أبي رملة الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان و هو يسأل زيد بن أرقم : هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم, قال: فكيف صنع:؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: من شاء أن يصلي فليصل).وهذا الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن لغيره .
٢ - أن من أدرك ركعة مع الإمام في صلاة العيد ، فقد أدرك الصلاة ، فيضيف لها أخرى ،لحديث( من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة )
وحديث( من أدرك ركعة قبل غروب الشمس فقد أدرك العصر ) وكل الإدراكات في الصلاة تكون بإدراك ركعة على الأصح .
٣ - من أدرك أقل من ركعة في صلاة العيد ، يتجه : أن يصلي اربعا، قياسًا على الجمعة ، والأقرب أن يصلي ركعتين لعموم حديث( فما أدكتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا )
ولأن القياس على الجمعة إنما يكون في إجزاء العيد عن الجمعة ، فالقياس يكون في الحكم لا في الصفة .
ولأن يوم العيد الذي لا جمعة فيه ، لا علاقة بالجمعة فيه .
٤ - من فاته صلاة العيد مع الإمام فإنه لا يقضيها على الأرجح ، لفوات محلها، وفوات مقصودها من الاجتماع والخير ودعوة المسلمين .
وأما أن تصلى جماعات في البيوت ، فتجزيء وتصح ، كما هو الشأن في الجمعة ، كما تقدم في حكم صلاة الجمعة جماعة في البيوت .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة .
حكم الجماعة في صلاة العيد وحكم قضائها :
——-
اختلف العلماء في ذلك على قولين :
القول الأوّل: ذهب الحنفيّة، والمالكيّة بعدم جواز قضاء صلاة العيد لمَن فاتَته؛ أي أنّها لا تُؤدّى إلّا جماعةً؛ إذ إنّها مُحدَّدةٍ بوقتٍ لا تُؤدّى في غيره من الأوقات، كما أنّها من النوافل ولا يصحّ لها القضاء، إضافة إلى أنّه لا بُدّ فيها من عدّة شروطٍ لا تتحقّق في مَن يُصلّي مُنفرداً.
القول الثاني: وذهب الشافعيّة، والحنابلة بأنّ صلاة العيد سُنّةٌ للمُنفرد؛ فمن فاتَته جماعةً مع الإمام، فإنّه يُسَنّ له القضاء بالهيئة التي تُصلّى بها جماعةً؛ فقضاء الصلاة يكون على الهيئة التي تُؤدّى بها، مع الإشارة إلى أنّ القضاء يكون في أيّ وقتٍ؛ فيجوز في أيّام العيد، أو فيما بعده، إلّا أنّ الأفضل في القضاء أن يكون في اليوم الأول من العيد، أمّا المسبوق في صلاة العيد؛ فإن أدرك الإمام في التشهُّد فيُنهي الصلاة معه، ثمّ يأتي بما فاته بالهيئة التي تُؤدّى بها، بينما إن أدرك الإمام وهو يخطب بعد أداء الصلاة، فإنّه يُصلّي ركعتَين تحيّة المسجد، ثمّ يجلس للاستماع إلى الخطبة، ثمّ يقضي صلاة العيد خلال بقيّة اليوم؛ سواءً قبل زوال الشمس، أو بعده، بالهيئة والكيفيّة ذاتها.
* صلاة عيدي الأضحى والفطر وقتهما قبل الزوال ، فمن فاتته في هذا الوقت قضاها على رأي بعض الفقهاء : أربع ركعات بلا تكبير ، وهناك من يرى أنه يقضيها كما يصليها في الجماعة .
وذهب فريق ثالث إلى من فاتته فلا قضاء عليه فيها ، وهو الأقرب .
* صلاة عيد الأضحى وعيد الفِطْر وقتها محدود بما بعد الشروق بقليلٍ ـ عند بعض الأئمة ـ إلى الزوال، أي وقت الظهر، فتكون صلاتها في هذه الفترة أداء، ولو فاتته هل يقضيها أو لا؟
*
قال الأحناف: الجماعة شرط لصحة صلاة العيدين. فمن فاتته مع الإمام فليس مُطَالَبًا بِقَضَائِهَا، لا في الوقت ولا بعده. وإن أحب قضاءها مُنْفَرِدًا صلَّى أربع ركعاتٍ بدون تكبيرات الزوائد، كالذي تفوته صلاة الجمعة، يقضيها ظهرًا.
والمالكية قالوا: الجَمَاعَة شَرْطٌ لكونها سُنَّة، فمن فاتته مع الإمام نُدِبَ لَه فعلها إلى الزوال، ولا تُقْضَى بعد الزوال.
ويشكل عليه : حديث أنس لما قدم بنو عمومة له فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يخرجوا إلى عيدهم من الغد .
والشافعية قالوا: الجماعة فيها سُنَّة لغير الحاج، ويُسَنُّ لمن فاتته مع الإمام أن يصليها أي وقت قبل الزوال وتكون أداء، أما بعد الزوال فيُسَنُّ صلاتها وتكون قضاء؛ لأن قضاء النوافل سُنَّة عندهم إذا كان لها وقت.
هذا، وقد روى أحمد والنسائي وابن ماجه بسند صحيح أن هِلال شوال غُمَّ على الصحابة وأصبحوا صِياماً فَجَاءَ جماعةٌ آخر النهار وشَهِدوا أمام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يخرجوا إلى عيدهم من الغد.
وهذا الحديث حُجَّة للقائلين بأن الجَمَاعَة إِذَا فاتتها صلاة العيد بسبب عُذر من الأعذار فلها أن تخرج من الغد لتصلِّي العيد.
هذه هي أقوال العلماء، والأمر اجتهادي يجوز فيه تقليد أي قول منها، مع العلم بأن صلاة العيد سُنَّة غير واجبة لا أداء ولا قضاء عند الشافعية والمالكية، وسُنة لمن فاتته مع الإمام حيث يُسَنُّ له أن يصلِّيها.
وهي فرض كفاية عند قوم ، وفرض عين عند آخرين .
@ قال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في فتح الباري لشرح صحيح البخاري :
( واعلم؛ أن الاختلاف في هذه المسألة _ أي من فاتته صلاة هل يقضيها _ ينبني على، أصل، وهو: أن صلاة العيد: هل يشترط لها العدد والاستيطان وإذن الإمام؟
فيهِ قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد.
وأكثر العلماء، على أنه لايشترط لها ذَلِكَ، وهو قول مالك والشافعي.
ومذهب أبي حنيفة وإسحاق: *أنه يشترط لها ذلك.
فعلى قول الأولين: يصليها المنفرد لنفسه في السفر والحضر والمرأة والعبد ومن
فاتته، جماعة وفرادى.
*لكن لا يخطب لها خطبة الإمام؛ لأن فيهِ افتئاتاً عليهِ، وتفريقاً للكلمة.
وعلى قول الآخرين: لايصليها إلا الإمام أو من أذن لهُ، ولا تصلى إلا كما تصلى الجمعة، ومن فاتته، فإنه لايقضيها على صفتها، كما لايقضي الجمعة على صفتها .)
وبعد هذا العرض من أقوال أهل العلم :
فالذي يترجح في نظري ما يلي :
١ - أن صلاة العيد لا تصلى في البيوت فرادى ، بل تصلى جماعات ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم عطية بإخراج الحيض وذوات الخدور ، وفيه ( وأما الحيض فيشهدن الخير ودعوة المسلمين ، ويعتزلن الصلاة )
ولو كانت صلاة النساء يجزئهن في العيد في بيوتهن ، لأمرن بذلك .
ولأن شهود الخير ودعوة المسلمين لا تكون في حال الانفراد.
ولأن صلاة العيد من شعائر المسلمين الظاهرة ، فلا تجزيء في حال الانفراد .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد بصلاة الجمعة ، فقال ( اجتمع في يومكم هذا عيدان ...)
وعن إياس بن أبي رملة الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان و هو يسأل زيد بن أرقم : هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم, قال: فكيف صنع:؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: من شاء أن يصلي فليصل).وهذا الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن لغيره .
٢ - أن من أدرك ركعة مع الإمام في صلاة العيد ، فقد أدرك الصلاة ، فيضيف لها أخرى ،لحديث( من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة )
وحديث( من أدرك ركعة قبل غروب الشمس فقد أدرك العصر ) وكل الإدراكات في الصلاة تكون بإدراك ركعة على الأصح .
٣ - من أدرك أقل من ركعة في صلاة العيد ، يتجه : أن يصلي اربعا، قياسًا على الجمعة ، والأقرب أن يصلي ركعتين لعموم حديث( فما أدكتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا )
ولأن القياس على الجمعة إنما يكون في إجزاء العيد عن الجمعة ، فالقياس يكون في الحكم لا في الصفة .
ولأن يوم العيد الذي لا جمعة فيه ، لا علاقة بالجمعة فيه .
٤ - من فاته صلاة العيد مع الإمام فإنه لا يقضيها على الأرجح ، لفوات محلها، وفوات مقصودها من الاجتماع والخير ودعوة المسلمين .
وأما أن تصلى جماعات في البيوت ، فتجزيء وتصح ، كما هو الشأن في الجمعة ، كما تقدم في حكم صلاة الجمعة جماعة في البيوت .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق