—————
الخلاصة : أن لحوم الإبل والبانها ينقض الوضوء.
————————————————————-
روى مسلم عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه : أنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ أتوضَّأُ من لحومِ الغنمِ ؟ قالَ: إن شِئتَ فعلتَ، وإن شئتَ لم تفعل قالَ: يا رسولَ اللَّهِ: أتوضَّأُ من لحومِ الإبلِ ؟ قالَ: نعَم ).
هذا الحديث يدل على أن لحوم الإبل تنقض الوضوء.
1 - فإن قيل : إن العلة من نقض الوضوء من أكل لحوم الإبل ، هي كونها مما مسته النار ، وقد جاء النص بنسخه ،( كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مسته النار ) وهذا ما ذهب إليه الجمهور خلافاً للحنابلة .
والجواب : أن العلة في نقض الوضوء: هو أكل لحوم الإبل لا لكونه مما مسته النار ، وما الدليل على كون العلة : كونه مما مسته النار .
ثم إن حديث جابر بن سمرة السابق : فيه دليل على أن العلة في نقض الوضوء بلحوم الإبل ليست كونه مما مسته النار ، ولو كان كذلك لما فرق بين لحوم الغنم ولحوم الإبل .
2 - فإن قيل : الحديث نص على لحوم الإبل ، فكيف نقيس عليه غيره من البن والمرق من لحومها .
فالجواب من عدة أوجه :
أ - أن حديث جابر بن سمرة السابق ، مفهومه غير معتبر ، لأنه خرج جواباً للسؤال ، وما خرج جواباً لسؤال فلا مفهوم له - كما هو متقرر في أصول الفقه -.
والقاعدة : التخصيص إذا كان له سبب غير اختصاص الحكم به ، لم يبق مفهومه حجة .
ب - والقاعدة : الأصل في الأحكام التعليل، إذ المعنى المتحقق في اللحم، متحقق في اللبن والمرق إذ هو خلاصة اللحم .
ج - والقاعدة : المنصوص عليه وما في معناه حكمها واحد.
د - وعن البراء بن عازب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( توضأووا من لحوم الإبل والبانها)، قال شيخ الإسلام في شرح العمدة : رواه الشالنجي بسند جيد .
ه - ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى للبيت في حجة الوداع مائة بدنة ).
ولما كانت السنة الأكل من لحم الهدي أمر أن يقتطع له من كل بعير قطعة ، وأن تطبخ ، فأكل من لحمها وشرب من مرقها) فدل ذلك على أن المرق مستخلص من اللحم ومجزيء عن الأكل مما لم يؤكل من لحمه.
3 - فإن قيل : إن القول بنقض الوضوء من لبن الإبل ، ومن مرقها شاذ .
فالجواب : أن الشاذ ما ضعف مدركه ومأخذه ، مع الاختلاف الكثير في تعريف القول الشاذ - وقد يبق بيانه-
وهذا القول هو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله -
إذ إن من مفردات مدهب الإمام أحمد القول بنقض الوضوء من لحوم الإبل ، وفي لبنها ومرقها ونحوهما في مذهب أحمد روايتان .
وبناء على ذلك فالذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى هو القول بنقض الوضوء من لحوم الإبل وألبانها، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة 14444 للهجرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق