———————-
الخلاصة : يجوز للمرأة كشف قدميها في الصلاة ، وهو قول أبي حنيفة ، والأحوط سترهما .
———————————————-
1 - أجمع العلماء على وجوب ستر المرأة جميع بدنها في الصلاة، واختلف في الكفين والقدمين .
2 - أجمع العلماء على وجوب كشف المرأة لوجهها في الصلاة ما لم تكن بحضرة الرجال الأجانب عنها .
- حكاه ابن عبدالبر، وابن تيمية ، وابن قدامة -.
3 - في صحيح البخاري حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى عن هشام قال حدثتني فاطمة عن أسماء قالت جاءت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع قال تحته ثم تقرصه بالماء وتنضحه وتصلي فيه).
فكون النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصلي فيه ، يدل على أنه يجوز للمرأة أن تخرج كفيها ورجليها ، لأن لبس الثوب لا بد فيه من إخراج اليدين والقدمين ، والقاعدة : تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
4 - يجوز كشف الكفين للمرأة في الصلاة ، قياساً على الوجه، بجامع ظهورهما غالباً.
- فالكفان يجوز كشفهما في الصلاة عند الجمهور ، خلافاً للمعتمد عند الحنابلة -.
5 - روى أبو داود والترمذي وغيرهما حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ).
والمراد بالحائض : البالغ من النساء .
والخمار : ما تغطي به المرأة رأسها .
والجواب : أن الحديث ضعيف مرفوعاً.
ووجه : اختلف فيه على قتادة ، فرواه حماد بن سلمة عن قتادة مسنداً مرفوعاً ، وتابعه حماد بن زيد عند ابن حزم ، وخالفهما شعبة وسعيد بن بشر فروياه موقوفاً- ورحح الموقوفدالدارقطني-.
ورواه أيوب السختياني وهشام بن حسان عن ابن سيرين - شيخ قتادة - مرسلاً عن عائشة .
وهذه الطريق تؤيد عدم الرفع ، فيكون الحديث مرسلاً ، لأن ابن سيرين لم يسمع من عائشة كما قال ابن أبي حاتم .
وعلى هذا قول أيوب ، وهشام ، أشبه بالصواب .
6 - حديث ابن مسعود مرفوعاً:( المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ).
ضعيف : لأن كل طرقه المرفوعة فيها قتادة ، وهو مدلس ، وقد عنعنها ، والطرق التي ليس فيها قتادة رجح الدارقطني وقفها .
فقد رواه أبو الأحوص واختلف عنه: فرواه مورق العجلي عنه عن ابن مسعود مرفوعاً.
ورواه أبو إسحاق وحميد بن هلال عنه عن ابن مسعود موقوفاً، وأبو إسحاق وحميد أكثر وأوثق .
7 - عن أم سلمة، أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟، قال: «إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها»
إسناده ضعيف مرفوعاً: ، عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ضعيف من جهة حفظه، وقد خالفه جماعة، فرووه عن محمد بن زيد موقوفاً، وقال الدارقطني في "العلل" -كما في "نصب الراية" 1/ 300 - عن الموقوف: إنه الصواب.
وبناء على ذلك فهذا الحديث ضعيف للأسباب التالية :
أ - جهالة أم محمد بن زيد، وجميع طرق الحديث المرفوعة والموقوفة مدارها عليها.
ب - الاضطراب، حيث رواه الحاكم بسنده إلى محمد بن زيد عن أبيه بدلا من (عن أمه)، وأبوه مجهول كأمه، ويحتمل أن تكون رواية الحاكم تحريفا من النساخ.
ج - جميع الرواة عن محمد بن زيد رووه موقوفا عدا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار فقد تفرد برفعه، وهو ضعيف الحفظ، وهو ممن لا يقبل تفرده، خاصة عند مخالفته لمن هم أوثق منه ورووه موقوفا.
8 - روى الترمذي والنسائي حديث ابن عمر ، وفيه :( (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال:
(يرخين شبرا) فقالت: إذن تنكشف أقدامهن قال:
(فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه).
والجواب : أصل الحديث في الصحيحين( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة )
ولكن زيادة "فقالت أم سلمة ... "، فما بعدها هي مدرجة من قول نافع وليس من قول ابن عمر. ولذلك لم يخرجها لا البخاري ولا مسلم مع إخراجهم لهذا الحديث عن نافع وعن غيره عن ابن عمر ?. وهي مرسلة، فقد ذكر ابن الجوزي أنه لا يصح لنافع سماع من أم سلمة أم المؤمنين .
وللقصة شاهد ضعيف جداً عن أحمد (2\ 18) وأبي داود (4\ 65): من طريق زيد العَمّي (ضعيف جداً) عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر قال: «رخّص رسول الله لأمهات المؤمنين في الذيل شبراً. ثم استزدنه، فزادهن شبراً. فكنّ يرسلن إلينا، فنذرع لهن ذرعاً». وهذا الحديث أنكره ابن عدي في الكامل (3\ 201).
ولكن للحديث طرقٌ أخرى لا بأس بها، كلها عن نافع. وقد استوعب النسائي هذه الطرق في سننه الكبرى (5\ 493) مرتبة منسقة مبتدئاً بالرواية الخطأ كعادته. وذكر هذا ابن السني مختصراً في المجتبى (8\ 209). قال الحافظ ابن رجب في "شرح علل الترمذي" عن سنن النسائي: «تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث، بدأ بما هو غلط، ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له».
9 - قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها).
والجواب : قال ابن عباس ( ما ظهر منها) الوجه والكفان )
وقال ابن مسعود : الثياب .
وقيل : ما لا يمكن إخفاؤه من الزينة كالطول والعرض.
وقيل : في الصلاة، وقيل : خارج الصلاة.
فلا تكن الآية متعينة في مسألتنا، بل هي تحتمل احتمالات كثيرة مساوية أو راجحة .
والقاعدة : إذا جاء الاحتمال الراجح أو المساوي بطل به الاستدلال .
10 - فإن قيل : الأصل : ستر جميع بدن المرأة في الصلاة إلا ما دل الدليل على استثنائه، وعلى هذا يجب ستر القدمين للمرأة في الصلاة .
فالجواب : أن الأصل هو عدم الوجوب حتى يدل الدليل على الوجوب، والقدمين ليست محل إجماع ، والإجماع انعقد على سائر بدن المراة في الصلاة ما عدا الوجه والكفين والقدمين فالإجماع لم ينغقد فيها، والأصل عدم الوجوب .
وهو الباقي على البراءة الأصلية.
وحديث ( المرأة عورة ) سبق ضعفه، وعلى فرض صحته ، فالمراد به خارج الصلاة بدليل آخر النص من الحديث ( فإذا خرجت استشرفها الشيطان ).
وبناء على ما سبق فالذي يظهر رجحانه في نظري والعلم عند الله تعالى : عدم وجوب ستر القدمين للمرأة في الصلاة، وكذا الكفين والوجه، وما عداها يجب سترها في الصلاة بالنسبة للمرأة ،والأحوط والأبرأ للذمة وخروجاً من الخلاف سترهما - الوجه والكفين في الصلاة ، والله تعالى أعلم .
كتبه: محمد بن سعد المهلهل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة / شوال/ 1444 للهجرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق