إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

السبت، 24 يونيو 2023

حكم استئذان الوالدين في الذهاب للحج والعمرة // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


 حكم استئذان الوالدين في الذهاب للحج والعمرة:

————————

1 - قال تعالى :( وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِى ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ ۚ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ).

حيث دلت الآية على عدم طاعة الوالدين وغيرهما من البشر في معصية الخالق ، مع القول الجميل لهما .


2 - وفي صحيح البخاري : عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أفضل؟ فقال: «إيمان بالله ورسوله».
قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور».


حيث دل الحديث على أن رتبة الحج ولو كان ركناً من أركان الإسلام بعد رتبة الجهاد في سبيل الله تعالى في العمل الصالح .

وبناء على ذلك فكل ما لا يشترط في الجهاد في سبيل الله تعالى في الجهاد في سبيل الله تعالى من إذن الوالدين لا يشترط في الحج .


وَفِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود في الصحيحين • قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: ((الصلاة لوقتها))، قال: قلت: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين))، قال: قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))

بَدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ الْبِرّ ثُمَّ الْجِهَاد , 
قَالَ الْعُلَمَاء : اِخْتِلَاف الْأَجْوِبَة فِي ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال , وَاحْتِيَاج الْمُخَاطَبِينَ , وَذَكَرَ مَا لَمْ يَعْلَمهُ السَّائِل وَالسَّامِعُونَ وَتَرَكَ مَا عَلِمُوهُ , وَيُمْكِن أَنْ يُقَال : إِنَّ لَفْظَة " مِنْ " مُرَادَة كَمَا يُقَال فُلَان أَعْقَل النَّاس وَالْمُرَاد مِنْ أَعْقَلهمْ , وَمِنْهُ حَدِيث " خَيْركُمْ خَيْركُمْ لِأَهْلِهِ " وَمِنْ الْمَعْلُوم أَنَّهُ لَا يَصِير بِذَلِكَ خَيْر النَّاس , فَإِنْ قِيلَ لِمَ قَدَّمَ الْجِهَاد وَلَيْسَ بِرُكْنٍ عَلَى الْحَجّ وَهُوَ رُكْن ؟ فَالْجَوَاب : أَنَّ نَفْع الْحَجّ قَاصِر غَالِبًا , وَنَفْع الْجِهَاد مُتَعَدٍّ غَالِبًا , أَوْ كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْجِهَاد فَرْض عَيْن - وَوُقُوعه فَرْض عَيْن إِذْ ذَاكَ مُتَكَرِّر - فَكَانَ أَهَمَّ مِنْهُ فَقُدِّمَ.


وبناء على ذلك : فإن اختلاف الجواب في ترتيب العمل الأفضل يحمل على وجهين :

الأول منهما : أن جواب النبي صلى الله عليه وسلم اختلف لاختلاف أحوال السائلين وأوقاتهم، بأن علم ما يحتاجه كل قوم، وبما لهم فيه رغبة واجتهاد وما هو لائق بهم؛ فاختلف الجواب لاختلاف حال السائلين.

 

أو يقال - وهو الوجه الثاني - : إن المراد بالأحاديث بأفضل الأعمال ليس على إطلاق اللفظ، وإنما هناك محذوف، والتقدير: (من أفضل الأعمال كذا)،

والقاعدة : المطلق إذا قيد بقيود متعارضة تساقطت القيود ، وبقي المطلق على إطلاقه .


3 - وفي الصحيح : حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أقبل رجل إلى نبي الله ﷺ فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله، قال: فهل من والديك أحد حي؟ قال: نعم، بل كلاهما، قال: فتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم، قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما.


هذا لفظ مسلم، وفي رواية لهما: جاء رجل فاستأذنه في الجهاد، قال: أحي والداك؟، قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد).


وهذا فيه تقديم بر الوالدين على جهاد التطوع .

أما الفرض فلا طاعة للمخلوق في تركه .


4 - في صحيح البخاري : أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وأَمَّرَ عليهم رَجُلًا فأوْقَدَ نَارًا وقالَ: ادْخُلُوهَا، فأرَادُوا أنْ يَدْخُلُوهَا، وقالَ آخَرُونَ: إنَّما فَرَرْنَا منها، فَذَكَرُوا للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لِلَّذِينَ أرَادُوا أنْ يَدْخُلُوهَا: لو دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إلى يَومِ القِيَامَةِ، وقالَ لِلْآخَرِينَ: لا طَاعَةَ في مَعْصِيَةٍ، إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ).

فالمعروف شرعاً، وكذا المعروف عرفاً ما لم يخالف الشرع تكون الطاعة للمخلوق الذي أمرنا بطاعته في حدوده ، وما خرج عن المعروف شرعاً وعرفاً- ما لم يكن معصية - لا طاعة للمخلوق فيه، ولفظ:( إنما الطاعة في المعروف ) أعم من لفظ( لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق ) لأن اللفظ الأخير في المعصية فقط، واللفظ الأول أعم فيشمل المعصية وما لم يكن معروفاً شرعاً ولا عرفاً.


5 - حديث النواس بن سمعان الأنصاري مرفوعاً:( لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق) وصححه الألباني.

فيشمل ذلك الأب والأم والزوج والأمير ، لا طاعة لهم في معصية الله ، وإنما الطاعة واجبة في المعروف شرعاً وعرفاً لا معصية فيه .


وبناء على ما تقدم : فإن استئذان الوالدين في الذهاب للحج إذا كان فرضاً عينياً على الولد فلا يجب استئذانهما، لكون عدم حجه مع قدرته معصية .

وإذا كان الاستئذان في حال كونه نفلاً : إذا لم يتضرر الوالد بذلك فلا يجب ، لأنه ليس من المعروف : منع الولد من النفل الذي لا يتضرر به الوالد .

وإذا كان الوالد يتضرر بذهاب الولد لحج النفل - وكذا كل تطوع - فإنه يجب عدم حجه إلا بإذنه ، قياساً على جهاد التطوع الذي وردت فيه النصوص السابقة .

وحقوق الآدميين تسقط بإسقاط صاحب الحق بطيب نفس منه لا بالإحراج وسيف الحياء.


وكل ما ينتفع به الولد ، ولا يتضرر به الوالد فمنع الولد منه ليس بواجب ، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً:( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره) فكل ما ينتفع به الغير ولا يتضرر المانع، فطاعة الغير منه غير واجبة .

والله أعلم .


كتبه / محمد بن سعد المهلهل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت