———————
فمثلاً: اسألك بحق الرسول صلى الله عليه وسلم، أو اسألك بحق اليوم، أو اسألك بحق الشيخ أو اسألك بحق الذوات ، أو الحقوق الشرعية ؟
————————————-
فرق بين سؤال الله تعالى بحق من الحقوق المشروعة للآدمين ، فإن التوسل إلى الله تعالى عبادة، والعبادات توقيفية - فيكون ذلك بدعة - وبين سؤال المخلوق بالحق المشروع لمخلوق آخر ، فهذا يعتبر شفاعة ، كقول زيد : اسألك بحق أبيك أو والديك ، أي بما جعل لهم عليك من الحقوق الشرعية ، أو بسبب معزتك لهم أن تسامحني، وكقولهم : بحق نبيك سامحني، بمعنى بسبب ما جعل الله فيك من المحبة لنبيك أن تسامحني، وكذا سؤال المخلوق بالرحم أن تعفو عني، أي بسبب ما جعل الله بيننا من حق الرحم يكون ذلك سبباً للمسامحة .
1 - قال تعالى :( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ).
واتقوا الله، أيها الناس، الذي إذا سأل بعضكم بعضًا سأل به، فقال السائل للمسئول: " أسألك بالله، وأنشدك بالله، وأعزِم عليك بالله "، وما أشبه ذلك. يقول تعالى ذكره: فكما تعظّمون، أيها الناس، رّبكم بألسنتكم حتى تروا أنّ من أعطاكم عهده فأخفركموه، فقد أتى عظيمًا. فكذلك فعظّموه بطاعتكم إياه فيما أمركم، واجتنابكم ما نهاكم عنه، واحذروا عقابه من مخالفتكم إياه فيما أمركم به أو نهاكم عنه.
واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وقيل : واتقوا الله الذي إذا سألتم بينكم قال السائل للمسئول: " أسألك به وبالرّحِم .
والآية تحتمل المعنيين، والقاعدة : النص إذا كان يحتمل أكثر من معنى بحسب وضع واحد حمل على جميع تلك المعاني- وقد تقدم تقريرها في القواعد الفقهية والأصولية - وهو مطبوع -.
2 - حديث:( اسألك بحق السائلين).
وهو حديث ضعيف : عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: من خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ... أقبل الله عليه بوجهه.
رواه أحمد (3/ 21) واللفظ له، وابن ماجه وغيرهما
وإسناده ضعيف لأنه من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، وعطية ضعيف كما قال النووي في "الأذكار" وابن تيمية في "القاعدة الجليلة" والذهبي في "الميزان" بل قال في "الضعفاء" (88/ 1): (مجمع على ضعفه) ,والحافظ الهيثمي في غير موضع من "مجمع الزوائد" وأورده أبو بكر بن المحب البعلبكي في "الضعفاء والمتروكين" والبوصيري في"مصباح الزجاجة"،وقال عنه أبو حاتم:"يكتب حديثه ضعيفا", وقال أحمد: ضعيف الحديث وبلغني أن عطية كان يأتي (الكلبي) فيأخذ عنه التفسير وكان يكنيه بأبي سعيد!!!؟ فيقول: قال أبو سعيد …!!! يوهم أنه أبو سعيد الخدري …! ,وقال النسائي: ضعيف. والحافظ ابن حجر بقوله فيه: (صدوق يخطىء كثيراً، كان شيعياً مدلساً، وقد أبان فيه عن سبب ضعفه وهو أمران:
الأول: ضعف حفظه بقوله: (يخطىء كثيراً) وهذا كقوله فيه "طبقات المدلسين": (ضعيف الحفظ) وأصرح منه قوله في "تلخيص الحبير ، وقد ذكر حديثاً آخر: (وفيه عطية بن سعيد العوفي وهو ضعيف).
الثاني: تدليسه.
وأورده (أعني الحافظ) في رسالة "طبقات المدلسين" (ص18) فقال: (تابعي معروف، ضعيف الحفظ مشهور بالتدليس القبيح) ذكره في "المرتبة الرابعة" وهي التي يورد فيها (من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل كبقية بن الوليد) كما ذكره في المقدمة
وقد ضعف الحديث غير واحد من الحفاظ كالمنذري في "الترغيب" والنووي وابن تيمية في "القاعدة الجليلة" وكذا البوصيري، فقال في "مصباح الزجاجة" (2/ 52): (هذا إسناد مسلسل بالضعفاء: عطية وفضيل بن مرزوق والفضل بن الموفق كلهم ضعفاء).
3 - قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) . فالوسيلة هي القربة والتوسل إلى الله التقرب إليه بطاعته، واتباع رسوله، والاقتداء به، وهذا هو الوسيلة المأمور بها في قوله سبحانه (وابتغوا إليه الوسيلة) ومن الوسيلة دعاؤه لهم صلى الله عليه وسلم وطلبهم ذلك منه في حياته كما كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم ويستسقي لهم كقول عمر: اللهم كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، فهذا من الوسيلة المأمور بها.
4 - حديث : ( يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وحق العباد على الله).
وحق العباد على الله بما ألزم الله به نفسه تفضلاً وكرماً على خلقه .
4 - وثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خرج بالعباس بن عبد المطلب عام الرمادة بمحضر من السابقين الأولين يستسقون فقال عمر: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا، ثم قال ارفع يديك يا عباس فرفع يده، يسأل الله تعالى).
وهذا يدل على أن التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم غير مشروع، ولو كان مشروعاً لم يكن هناك فرق بين حياته ومماته صلى الله عليه وسلم ، إذ أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء.
5 - ولأن التوسل إلى الله عبادة ، والعبادات توقيفية .
قال شيخنا ابن باز - رحمه الله تعالى : ( التوسل بالجاه والبركة والحرمة والحق، ليس بجائز عند جمهور أهل العلم؛ لأن التوسلات توقيفية، لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع، ولم يرد في الشرع ما يدل على هذه التوسلات، فلا يقول الإنسان: اللهم اغفر لي بحق فلان، بحق محمد أو بحق الصالحين، أو بحق الأنبياء أو بجاه الأنبياء أو بحرمة الأنبياء، أو بركة الأنبياء أو بحق الصالحين أو بركة الصالحين أو بركة علي أو بركة الصديق ، أو بركة عمر ، أو حق الصحابة أو حق فلان وفلان كل هذا لا يحوز، هذا خلاف المشروع وهو بدعة وليس بشرك لكنه بدعة ).
فإن قيل : هذا في التوسل إلى الله تعالى بحق الذوات والأعيان، ولكن هنا التوسل للمخلوق بالحق الشرعي الذي جعله له الشارع .
من أجل خاطر حبيبك النبي سامحني: يسأله بمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم عنده، فهو استشفاع .
والجواب : أن سؤال الله عز وجل بالحق الشرعي الذي جعله للمخلوق لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والتوسل إلى الله تعالى عبادة ، والعبادات توقيفية ، أما سؤال المخلوفين فيما بينهم فيما جعله الله تعالى من الحقوق بينهم ، كسؤالهم بحق القرابة والرحم ، فهو استشفاع يدخل في قوله تعالى ( ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام )
ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) أي : قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش : لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم ما لا تعطونيه ، وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني وتذروني أبلغ رسالات ربي ، إن لم تنصروني فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة.
6 - ولو كان الأنبياء والصالحون لهم جاه عند الله سبحانه وتعالى فلا يقتضي ذلك جواز التوسل بذواتهم وجاههم؛ لأن الذين لهم من الجاه والدرجات أمر يعود نفعه إليهم، ولا ننتفع من ذلك بشيء إلا باتباعنا لهم ومحبتنا لهم)
تنبيه :
1 - فرق بين التوسل بذوات الصالحين بمعنى سؤال الله بذواتهم، وبين سؤال الصالحين ودعائهم والاستغاثة بهم – فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى .
ويوضح الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ما يحتويه لفظ (التوسل) من الاشتراك، فيقول: (إن لفظ التوسل صار مشتركاً، فعبّاد القبور يطلقون التوسل على الاستغاثة بغير الله، ودعائه رغباً ورهباً والذبح والنذر، والتعظيم بما لم يشرع في حق مخلوق. وأهل العلم يطلقونه على المتابعة والأخذ بالسنة فيتوسلون إلى الله بما شرعه لهم من العبادات، وبما جاء به عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو التوسل في عرف القرآن والسنة … ومنهم من يطلقه على سؤال الله ودعائه بجاه نبيه أو بحق عبده الصالح. أو بعباده الصالحين، وهذا هو الغالب عند الإطلاق في كلام المتأخرين كالسبكي والقسطلاني وابن حجر – أي الهيتمي -)
وكذا ذكر الآلوسي ما تضمنه لفظ التوسل من إجمال، فقال رحمه الله: (إن لفظ التوسل صار مشتركاً على ما يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة التي يحبها الرب ويرضاها، - وهذا مشروع -.
ويطلق على التوسل بذوات الصالحين ودعائهم واستغفارهم، - هل هو مشروع أم لا:( بعض العلماء يرخص بالتوسل بالصالحين , وبعضهم يخصه بالنبي صلى الله عليه وسلم , وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه -.
ويطلق في عرف عبّاد القبور التوجه إلى الصالحين ودعائهم مع الله في الحاجات والملمَّات - وهذا شرك - )
2 - أنواع التوسل :
أولها : التوسل بالقرآن ، والثاني التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والثالث توسلٌ بالصالحين من ملائكة وأنبياء وغيرهم ، والرابع توسل لا يفهم معناه .
فأما الأول : فإن سؤال الداعي ربه بالقرآن جائز ؛ لأنه من باب التوسل إلى الله بصفة من صفاته ؛ والتوسل إلى الله بصفة من صفاته أمر جائز جاءت به الشريعة ، فمن ذلك الحديث الذي رواه مسلم (2202) ، والترمذي (2080) عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول إذا شكا : ( أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) رواه أحمد في " المسند " (30/265) وصححه محققو طبعة مؤسسة الرسالة ، والأدلة على مشروعية التوسل إلى الله بصفاته كثيرة . ومن صفات الله تعالى كلامه ، والقرآن من كلامه سبحانه ، فيجوز التوسل به ؛ ولهذا احتج السلف -كأحمد وغيره- على أن كلام الله غير مخلوق فيما احتجوا به ، بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بكلمات الله التامات ) قالوا : فقد استعاذ بها ، ولا يستعاذ بمخلوق . ينظر كتاب " قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة " (1/297) . قال الشيخ ابن عثيمين : " الدعاء بالقرآن الكريم ، يعني أن يسأل الإنسان ربه بكلامه... والقرآن صفة من صفات الله عز وجل ، فإنه كلام الله تكلم به حقيقة لفظا ، وأراده معنى ، فهو كلامه عز وجل... وإذا كان صفة من صفاته ، فالتوسل به جائز " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
ثانيا :التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو التوسل الذي عرف في كثير من المتأخرين فيقول: اللهم إني أسألك بمحمد صلى الله عليه وسلم ، أو : أسألك بجاه محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى لم ترد به السنة ؛ وقد قال فيه أبو حنيفة وأصحابه : إنه لا يجوز ، ونهوا عنه ، حيث قالوا : لا يسأل بمخلوق ولا يقول أحد : أسألك بحق أنبيائك . قال في " تبيين الحقائق " للزيلعي الحنفي (6/31) : " قال أبو يوسف : أَكْرَهُ بِحَقِّ فُلَانٍ ، وَبِحَقِّ أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك " انتهى ، لأنه " لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ " ؛ كما قال الكاساني في " بدائع الصنائع " (5/126) . قال الشيخ ابن عثيمين " الراجح من أقوال أهل العلم... أنه يحرم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فلا يجوز للإنسان أن يقول : اللهم أسألك بجاه نبيك كذا وكذا ؛ وذلك لأن الوسيلة لا تكون وسيلة ، إلا إذا كان لها أثر في حصول المقصود ، وجاه النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للداعي ليس له أثر في حصول المقصود ، وإذا لم يكن له أثر : لم يكن سببا صحيحا ، والله عز وجل لا يُدعى إلا بما يكون سببا صحيحا ، له أثر في حصول المطلوب ، فجاه النبي صلى الله عليه وسلم هو مما يختص به النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، وهو ما يكون منقبة له وحده ، أما نحن فلسنا ننتفع بذلك ، وإنما ننتفع بالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم " . انتهى من " فتاوى نور على الدرب " . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " لو قيل : يحمل قول القائل أسألك بنبيك محمد على أنه أراد : أني أسألك بإيماني به وبمحبته وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته ونحو ذلك ؟ وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع ؟ قيل : من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع ، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف - كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن الإمام أحمد وغيره - كان هذا حسنا ؛ وحينئذ : فلا يكون في المسألة نزاع. ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ، ولا يريدون هذا المعنى ؛ فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر. وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به : التوسل بدعائه وشفاعته ، وهذا جائز بلا نزاع ؛ ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ " انتهى من " قاعدة جليلة " (ص119) .
ثالثا : التوسل بذوات المخلوقين . وهذا من البدع المنكرة شرعا ، والمنكرة عرفا ولفظا ، وفيه من التقدم بين يدي الله ، والتصرف بما لم يأذن به ، والمخالفة لمقاصد الداعي والمتوسل والمستشفع ، ما يخل بمقام الأدب في الدعاء . قال شيخ الإسلام " وأما الاستشفاع بمن لم يشفع للسائل ولا طلب له حاجة بل وقد لا يعلم بسؤاله، فليس هذا استشفاعا لا في اللغة ولا في كلام من يدري ما يقول.. " انتهى من " الفتاوى " (1/242) . وقال أيضا " ولو قال الرجل لمطاع كبير : أسألك بطاعة فلان لك ، وبحبك له على طاعتك ، وبجاهه عندك الذي أوجبته طاعته لك ؛ لكان قد سأله بأمر أجنبي لا تعلق له به ، فكذلك إحسان الله إلى هؤلاء المقربين ، ومحبته لهم ، مع عبادتهم له ، وطاعتهم إياه ؛ ليس في ذلك ما يوجب إجابة دعاء من يسأل بهم . وإنما يوجب إجابة دعائه : بسبب منه ، لطاعته لهم . أو سبب منهم ، لشفاعتهم له . فإذا انتفى هذا وهذا ، فلا سبب " وقال " قول القائل : اللهم إني أسألك بحق فلان وفلان ، من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم ، أو بجاه فلان ، أو بحرمة فلان ، يقتضي أن هؤلاء لهم عند الله جاه ، وهذا صحيح ؛ فإن هؤلاء لهم عند الله منزلة وجاه وحرمة ؛ يقتضي أن يرفع الله درجاتهم ، ويعظم أقدارهم ، ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا... فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة.. فيكون قد سأل بأمر أجنبي عنه ليس سببا لنفعه " وقال في موطن آخر " ليس في إكرام الله لذلك سبب يقتضي إجابة هذا . وإن قال : السبب هو شفاعته ودعاؤه ، فهذا حق ، إذا كان قد شفع له ودعا له . وإن لم يشفع له ولم يدع له ، لم يكن هناك سبب " وقد بسط الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذه المسألة بسطا شافيا في كتابه المبارك " قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة " .
رابعا : التوسل بالنفخة ، وذرية نوح ، وخلافة الصديق ، وشجاعة علي إلى آخره - مما اقتضاه سجع الداعي ، دون النظر إلى معناه ، فكلام لا معنى له ، ولا يصدر من داع مستجمع فكره فيما يدعو به . فكيف تكون ذرية نوح سببا في إجابة الدعاء ، وفيهم المسلم والكافر والبر والفاجر ؟! وكيف تكون خلافة الصديق ، أو شجاعة علي ، أو فاروقية عمر ، أو حياء عثمان ، أو حتى خلة الله لإبراهيم ، سببا في إجابة الدعاء ؟! وما شأن هذا الداعي بخلة إبراهيم ؟ ! وما هذا إلا من نتائج مخالفة السنة ، والميل إلى الأدعية المخترعة ، وتكلف السجع فيها ، وبهذا تظهر الحكمة من النهي الوارد عن تكلف السجع في الدعاء .
والله تعالى أعلم .
محمد بن سعد المهلهل العصيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق